responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 121
وَقَوْلُهُ: فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ إِعْلَامٌ بِتَعْجِيلِ إِجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ لِحُصُولِ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَثَوَابُ الدُّنْيَا هُوَ الْفَتْحُ وَالْغَنِيمَةُ، وَثَوَابُ الْآخِرَةِ هُوَ مَا كتب لَهُم حِينَئِذٍ مِنْ حُسْنِ عَاقِبَةِ الْآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الثَّوَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى- فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [103]- لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ تَذْيِيلٌ أَيْ يُحِبُّ كُلَّ مُحْسِنٍ، وَمَوْقِعُ التَّذْيِيلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ هُمْ مِنَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا، فَاللَّامُ لِلْجِنْسِ الْمُفِيدِ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَهَذِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ (الْ) الْجِنْسِيَّةَ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى جَمْعٍ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ، وَأَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ الْمُفَادَ مِنْ (الْ) إِذَا كَانَ مَدْخُولُهَا مُفْرَدًا وَجُمْلَة سَوَاء.
[149، 150]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 149 إِلَى 150]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِلِانْتِقَالِ مِنَ التَّوْبِيخِ وَاللَّوْمِ وَالْعِتَابِ إِلَى التَّحْذِيرِ، لِيَتَوَسَّلَ مِنْهُ إِلَى مُعَاوَدَةِ التَّسْلِيَةِ، عَلَى مَا حَصَلَ مِنَ الْهَزِيمَةِ، وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ كُلِّهِ، مِنَ الْحَقَائِقِ الْحُكْمِيَّةِ وَالْمَوَاعِظِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَالْعِبَرِ التَّارِيخِيَّةِ، مَا لَا يُحْصِيهِ مُرِيدُ إِحْصَائِهِ.
وَالطَّاعَةُ تُطْلَقُ عَلَى امْتِثَالِ أَمْرِ الْآمِرِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَعَلَى الدُّخُولِ تَحْتَ حُكْمِ
الْغَالِبِ، فَيُقَالُ طَاعَتْ قَبِيلَةُ كَذَا وَطَوَّعَ الْجَيْشُ بِلَادَ كَذَا.
والَّذِينَ كَفَرُوا شَائِعٌ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، وَاللَّفْظُ صَالِحٌ بِالْوَضْعِ لِكُلِّ كَافِرٍ مِنْ مُشْرِكٍ وَكِتَابِيٍّ، مُظْهِرٌ أَوْ مُنَافِقٌ.
وَالرَّدُّ عَلَى الْأَعْقَابِ: الِارْتِدَادُ، وَالِانْقِلَابُ: الرُّجُوعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِمَا عِنْد قَوْله: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [آل عمرَان: 144] فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست